تتوقع تقرير حديث صادر عن شركة جارتنر أن حوالي ۱۰٪ من متخصصي المبيعات سيكونون بحلول عام ۲۰۲۸ يستخدمون الوقت الذي يوفّرونه من خلال الذكاء الاصطناعي (AI) للمشاركة في "العمل الزائد"، أي أنهم سيقومون سرًا بالعمل في وظائف متعددة في وقت واحد. من المتوقع أن تزداد هذه الظاهرة سرعة بسبب كفاءة الذكاء الاصطناعي في أدوار المبيعات. إن إدخال واعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي في قطاع المبيعات يُغير من طريقة تعامل البائعين مع أعبائهم الوظيفية، حيث يُسهم في أتمتة المهام الروتينية والمتكررة، مما يوفر وقتًا كبيرًا، ويتيح للمهنيين في المبيعات السعي وراء وظائف إضافية بجانب وظائفهم الأساسية. تم تحديد هذا الاتجاه من خلال استبيان أجرته شركة جارتنر في سبتمبر 2024 وشمل ٣،٤٩٦ موظفًا حول العالم. كشف الاستبيان أن ٤١٪ من متخصصي المبيعات يتفقون إلى حد ما على أن التقنيات الحديثة زادت من إنتاجيتهم من خلال تخفيف المهام اليدوية التي تستغرق وقتًا طويلًا. أما التداعيات فهي متعددة الأوجه؛ فمن ناحية، فإن اعتماد الذكاء الاصطناعي في المبيعات يُحسن الكفاءة التشغيلية، مما يُمكّن الفرق من التركيز على أنشطة استراتيجية ذات قيمة عالية مثل بناء العلاقات مع العملاء، وتخصيص استراتيجيات البيع، واستكشاف فرص سوق جديدة. وهذا يُفيد الأعمال من خلال زيادة الإيرادات المحتملة، ويمنح البائعين مزيدًا من المرونة والاستقلالية في تنظيم أوقاتهم. ومن ناحية أخرى، فإن ارتفاع ظاهرة العمل الزائد يُثير مخاوف بشأن ديناميكيات مكان العمل، ورفاهية الموظفين، وسياسات الشركة. قد تحتاج المؤسسات إلى إعادة تقييم عقود العمل، وتوقعات عبء العمل، والمعايير الأخلاقية لمعالجة التحديات الناتجة عن إدارة الموظفين لوظائف متعددة. بالإضافة إلى ذلك، قد يصبح الحفاظ على جودة الأداء في كل من الوظائف الأساسية والثانوية مصعبًا إذا تم إدارة الأعباء الإضافية بشكل سيء.

يُراقب خبراء إدارة القوى العاملة والموارد البشرية هذا الاتجاه عن كثب، ويوصون بأهمية تفاعل أصحاب العمل بشكل استباقي مع فرق المبيعات لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على مهامهم، و考虑 تقديم ساعات عمل مرنة أو وظائف جزئية داخل الشركة لتحويل العمل الزائد إلى أمر إيجابي. من منظور اقتصادي أوسع، قد يُغير تحسين الكفاءة عبر الذكاء الاصطناعي في المبيعات من ديناميكيات سوق العمل، حيث إن قدرات الأفراد على إدارة وظائف متعددة بفاعلية قد تؤدي إلى تغييرات في توزيع الدخل، ورضا الموظفين، ومسارات التطور المهني. كما يمكن أن يؤثر ذلك على الطلب على وظائف الاقتصاد التعاقدي والعمل الحر عبر مختلف الصناعات. ومن المهم التأكيد على أنه بالرغم من زيادة الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في أتمتة مهام المبيعات، إلا أن المهنيين في هذا المجال لا يزالون بحاجة إلى مهارات التعامل مع الآخرين، والذكاء العاطفي، والتفكير الاستراتيجي. فالذكاء الاصطناعي هو أداة تُعزز العمل البشري بدلاً من أن تحل محله. مع تطور التكنولوجيا، سيظل التوازن بين الأتمتة والعنصر البشري ضروريًا لنجاح عمليات البيع. في الختام، تُسلّط نتائج جارتنر الضوء على تحول كبير في مهنة المبيعات يقوده ابتكار الذكاء الاصطناعي، حيث قد تصبح ظاهرة العمل الزائد منتشرة بشكل واسع بحلول عام ٢٠٢٨، مدفوعةً بالوقت والقدرة الإضافية التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. ويجب على الشركات والموظفين وصناع السياسات التعاون لإدارة هذا التحول، مع تعظيم المنافع ومعالجة التحديات المرتبطة بامتلاك وظائف متعددة. إن دمج الذكاء الاصطناعي في المبيعات ليس مجرد قفزة تكنولوجية، بل هو محفز لإعادة تعريف من paradigms العمل في اقتصاد اليوم.